"كم هو ممل!"... رمت جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز جانبا وتنهدت!... زوبعت الغرفة وانتفضت الأشياء، نهضت متململة من على الأريكة... تصطف الوسائد عليها بانتظام، كفراشات صغيرة ملونة في حفل راقص آن له أن يبدأ، دغدغت بنعلها الزهري السجادة المزركشة، حملقت بتلك الآنية الفخارية الباهظة الثمن التي اشترتها مساء أمس من ذاك المتجر المعروف على ناصية الشارع، "لا يعجبني مكانها، ألم أجد لها مكاناً أفضل؟ "... زجرت نفسها! فهي من اختار وضعها على الطاولة الخشبية، وتلك الزنابق الملونة لا يعجبها تنسيقها، أليس هي من نسّقها في حضن الآنية بالأمس؟ لا تروق لها اليوم، مدت يدها إلى رف المكتبة، وسحبت كتابا.. "علّني أحطّم مللي بهذا الكتاب" همست لنفسها، عادت إلى حيث الأريكة، خلعت نعلها ودست قدميها في حجر الأريكة وتلحفت بدفء المساء
لا.. ليس بعد، فالجو لا يغمره الدفء فهو لازال بالخارج، المساء لا يكفي، طفقت تبحر في الكتاب، عنوانه "حكايات ملونة" ... يغلب عليه صخب الألوان، هي أحبت الأحمر والزهري في حكاياته، والرمادي كذلك فهو لون الضباب، وحتى الأبيض الناصع أحبته كثيرأ، في الحقيقة هي عشقت كل الألوان، رن جرس الهاتف، رفعت السماعة بكسل، هي صديقتها اتصلت بها لتحكي لها تفاصيل رحلتها إلى أحدى دول الشرق الأقصى، استمعت إليها باهتمام فهي اعتادت السفر إلى القارة الأوربية، ليست كلاسيكية ولكنها عندما تعشق تصنع من العشق مدينة، ذهبت بفكرها إلى فارس المدينة، ليس من عادته أن يتأخر، أنصتت لصديقتها ثانية، هي تحكي لها الآن عن صديقة أخرى وتفاصيل حكايتها مع ذاك المزعج الذي ما تعب يهديها القلق في صباحاتها ومساءاتها، أووف... حكاية أخرى ملونة! لا تهمها الحكاية، تتملص من صديقتها متململة وتغلق الخط، تنسدل خصلات شعرها الملونة على وجنتيها، تدنيها للوراء في ضجر، يستلقي كتابها على الأريكة، تنهمك في برد أظافرها، تغازل أنفاسها رائحة الشموع المنثورة في أرجاء الغرفة، يعجبها عبق ذاك المعطف المعلق على الحائط... لم يرجع بعد، تزوبع المدينة ويزمجر الغضب في أعماقها، يفتعل إعصارا، يحطم المدينة، تحدق في المرآة، تحاكي نفسها، هل هي غاضبة منه أو من تلك المدينة؟
تنهض من على الأريكة، تدق بنعلها الزهري الأرض الخشبية، تدلف إلى المطبخ
تحضر فنجانا من القهوة...
تعود أدراجها إلى أريكتها هو يقبلها في عشق دائم لشفتيها
...تحتسيه والهة
!يشربها
كم هو يعشقها...
!ولكنه أخرس يغلفه الصمت ويسكنه جنون الإعصار
هي تعشق رائحة القهوة، هي في حالة عشق دائم مع كل الأشياء من حولها، تمزق عيناها ذاك المعطف المعلق على الحائط، لا يهم فهو أحد هذه الأشياء، قد يكون كلها، لا يهم.. لا يهم.. هي الآن تريد أن تخرج، قد تكسر رتم رتيب، ترفع الستارة المسدلة، تطل من النافذة، السماء ماطرة، المظلات والمعاطف تكسو الشارع إيابا وذهابا، تنهدت... زوبعت الغرفة وانتفضت الأشياء، المعطف معلق هنا في الغرفة، لم يرجع بعد، تزوبع المدينة ويزمجر الغضب في أعماقها، يخلق موجا من شوق لا ينضب، السماء ماطرة... تتأفف، هي تعشق المطر، تعشقه عندما يحاكيها عبر زجاج سيارتها، تعشقه حين يبللها تحت قبعة السماء، تعشقه حين يراقصها على الأرصفة، ولكنها تكرهه الآن، فهو يمنعها من الخروج، حالة كره مؤقتة، ككرهها له في هذه اللحظة
صوت خافت، قفل الباب يدور ويُفتح الباب، تتسخ الأرض بحذائه الرطب، لا يلبس معطفه فها هو معلق على الحائط، يدخل هو والمطر، يبتلّ المكان، تتبعثر الغرفة وتتلاشى الأشياء من حولها
وبّخت عيناها عينيه، هي ما زالت في حالة كره.. هزت كتفيها، أشاحت بوجهها عنه، طبعت قبلة على فنجان القهوة، "وضع يده على كتفها، انتفضت كالأشياء وابتعدت، دنى صوبها، احتضنها وهمس في أذنها: "اشتقت إلى بيتي
"خمد الإعصار، غفت على صدره وهمست: "وأنا أكثرً
هناك 11 تعليقًا:
يااااااااااه .. تفاصيل دقيقة وبقدر دقتها التفصيلية بقدر ما هي مثيرة !! ..
جعلتني وفي أثناء قراءتي أعيش جواً وكأنني هي .. بشعورها .. بنظراتها حتى بهذيانها !!
أنوثة مبللة بعبق الرومانسية العطرة
رااااااااائع .. موفقة عزيزتي
جميلة جدا
تلك النهاية المتفائلة
المتسامحة
وكيف ينقلب الكره
بل لأقُل
ينقلب النفور
إلى اشتياق
بل إلى شبق جميل
وأسلوب السرد أيضا جميل
ودمتم
Breeze :
هي تفاصيل الأنثى بأنوثتها الملونة بالمزاجية والاحتياج والحنين والرومانسية
دام أنج تملكين حس الأنثى أكيد راح تحسين انها انت :)
sologa-bologa :
هو ليس تسامح ولكنه حنين الأنثى عندما تشتاق فيلبس مشاعرها مدينة من سخط وغضب يذوب كذوب الثلوج في يوم مشمس بلمسة حانية...
جميل بقراءتكم له.. مشكور
المطر يحل الكثير من المشاكل
ولكن الالم في القلب لا يزول بقبلة
ولكي ننسى لا بد ان سامح لا ننتفض
ونهدا
اكره العاصفة الصامتة افضلها ملتهبة جامحة
مثل قلمك الجميل انستي الكاتبة
nachla:
لا تحمل ألما في قلبها ولا خدشا في روحها، لا مكان ولا وجود للألم في القصة .. هو مشهد لحالة اشتياق وتأخير لمرة لا مرات وأتى حاملا معه حبه واشتياقه مع المطر
الأنثى عندما تتألم لا تنتفض وتذوب بل تثور وتنفجر أي كان نوع وشكل الانفجار
أحلى شي الجموح :)
صوت خافت، قفل الباب يدور ويُفتح الباب، تتسخ الأرض بحذائه الرطب، لا يلبس معطفه فها هو معلق على الحائط، يدخل هو والمطر، يبتلّ المكان، تتبعثر الغرفة وتتلاشى الأشياء من حولها
وبّخت عيناها عينيه، هي ما زالت في حالة كره.. هزت كتفيها، أشاحت بوجهها عنه، طبعت قبلة على فنجان القهوة، "وضع يده على كتفها، انتفضت كالأشياء وابتعدت، دنى صوبها، احتضنها وهمس في أذنها: "اشتقت إلى بيتي
"خمد الإعصار، غفت على صدره وهمست: "وأنا أكث
======
رائع ما سطرتي و جميل .....تنساب بين كلماتك أنثى تنتظر من يجمح معها...من يحفز ثورتها و يكون شعب تلك الثورة و شهيدها الأول
يوم سعيد
طائر بلا أجنحة :
ثائر وجامح أبدا وكلماتك تنساب دوما كالشلال وتثور كالبراكين
رومانسي كعادتك وكلماتك حالمة وجامحة كما اعتدت
جميييل جدا وانثوي للغاية
اتوقع لج مستقبل باهر بالكتابة والرواية :)
تحياتي
bo_sale7:
مشكور ... انشالله
بس ترى اذا صرت... باموووج عليك وعلى ديوانيتيك :P
اذا بتموقين لانج ناجحة ومتفوقة ...حلال عليج ..ونشجعج تموقين زود :)
تحياتي
مشكور يا بوصالح... مالي غنى عن ديوانيتك دام ان المودة موجودة وعساها تدوم
إرسال تعليق