أجمل ما في الرجال مؤنث رجولتهم، وهي ككل مؤنث في الشرق مغيّبة حتى إشعار آخر - ماري القصيفي

الجمعة، 23 مارس 2007

Temporarily Closed

السبت، 10 مارس 2007

حلم ليلة نيابية - الجزء الخامس والأخير

اعتدن على ارتياد المقاهي المنثورة هنا وهناك في أرجاء الكويت والالتقاء فيها، ولكن مع مغيب شمس هذا اليوم وارتداء السماء حلّة الغروب، اجتمعن في أمسية كسولة يشوبها الدفء في بيت لميس، فتلون المساء بهدوء بثينة ومرح منال وعفوية لميس، الأنوار خافتة والطاولة مفعمة بشموع تفوح منها رائحة الشاي الأخضر، تزاحمها أكواب قهوة ستار بكس الساخنة التي اعتادت جلبها بثينة في هذه المساءات الدافئة بينما منال لا تفل منها عادتها ببث طعم مارون جلاسيه لونوتر وكعكه اللذيذ في روح المساء، استلقت بثينة على الأريكة بلباسها العملي ليسامر حذاؤها الرياضي أرضية الغرفة، وجلست منال على أريكة أخرى وكعادتها تضع ساقا على ساق بأناقة سيدة ورصانة أم، وأما لميس فهي تحب دوما الجلوس على كرسيها الخشبي الهزاز ليذكرها بأرجوحات كانت هنا وهناك في أيام طفولة انقضت، يحتضن النعل القطني قدميها الصغيرتين بدفء، وبعينين تشوبهما شقاوة البنات ومرح اللحظات طفقت تسرد لهما أحداث طلب حضرة نائب مجلس الأمة ليدها
وما أن انتهت من سردها حتى هتفت منال ساخطة: حقير.. هذا من صجه؟.. شلون يتجرّأ.. اهو ما يعرف إنتي شنو؟.. زين سويتي فيه
بثينة: لا تتسرعين في حكمك عليه وبعدين الريال ما غلط طلب زواج
منال: ولو.. ولو.. ما يشوف ظروفه وظروفها؟.. لا يكون صدّق يعني نائب خلاص.. عباله شي!؟.. إنتو شفتو اسمه؟.. عبيد.. ولاّ اسم أبوه ويدّه.. بالله هذي أسامي؟.. والله فشلة
بثينة: الريال مبين عليه إنه كان معجب في لميس من زمان بس قال الحين يمكن وضعي صار أحسن صرت صاحب منصب وخير يمكن البنت توافق.. الريال عنده حلم.. غلط إن نحرّم الأحلام على الناس دام إنها مشروعة
منال: على قولة حسين عبد الرضا... يبه حلم.. حلم.. حلم يا جماعة.. لا يصدّق نفسه
تضحك منال مقهقهة
لميس: آنا كلش ما توقعت إن يفتح معاي موضوع مثل هذا.. اهو ناسي إنه متزوج!؟
بثينة: عادي حبيبتي.. بدو وهالشي عندهم عادي
لميس: أي بس آنا مو بدوية نفسه واهو عارف وضعي
منال: الدوائر بتصير خمسة.. زواج سياسي يا بنات .. باجر الحضر يصوتون له
تهتز أوصال منال من الضحك وتبتسم بثينة ابتسامة رزينة
لميس: والله عاد مزيون
!منال: عاد صج.. مملوح.. هااا أشوف مِلتي له
تضحك لميس ضحكة خافتة وتردف: آنا أقول الصج
بثينة وهي تبتسم: باجر تتوسطين لنا.. خلاص آنا بازهّب لج أوراقي من الحين، لو سمحتي أبي أشتغل مدرّسة بالمعهد التطبيقي زهقت من كرَاف الخاص
منال: يازينج باجر وانتي لابسة العباة وداشة بيتج في هالمنطقة النائية.. وي جان أهلج يوقف قلبهم.. الحمار شلون يفكر.. لما شاف نفسه صار قد المقام على قولة إخواننا المصريين قال خل أتقدّم..
بثينة: منال.. عسى ما شر طايحة بالريال، من حق كل إنسان إنه يحلم، ومن حق كل إنسان إنه يسعى بتحقيق أحلامه.. الموضوع عرض ردّه الموافقة أوالرفض.. شنو المشكلة؟
منال: لا هذا يبي يسويها جيهان السادات
لميس: جيهان السادات؟.. شتقصدين؟
منال: شفيج ما تعرفين؟.. أنور السادات أصله فلاّح، يوم صار سياسي كبير تزوج جيهان.. كانت بنت صغيرة وجميلة ومثقفة ومن عائلة كريمة.. وترك مرته الفلاحة تولـّي على حولـّي.. كان يبي يتطوّر وتمشي يمه وحدة تشرفه وتونسه بعد مثل صاحبنا نائب الأمة الهمام.. روحي شوفي نفسج بالمرايا يا لميس.. يحليلج.. بتصيرين لميس السادات

تضحك منال ضحكة ساخرة وتكمل قائلة: لميس.. ترى باحط سالفة عبيد في بلوجّي.. والله انه بيكون خوش بوست

تبتسم لميس وتتجاهل بثينة الحوار الدائر وتنغمس في كومبيوترها الشخصي..لا تعجبها ردود منال المزدحمة بالسخرية كازدحام شوارع الكويت بالسيارات صبيحة كل يوم

عند حلول مساء يوم جديد يفل جدائل الشمس الراحلة وينثر النجوم في صدر السماء اتصلت لميس بعبيد ليرد عليها مسرعا وبلهفة واضحة كوضوح زرقة السماء الصافية، يتناهى صوته عبر الهاتف النقال وصوت السيارة يرافق صوته، لا بد أنه مدعو كعادته في المساء إلى أحد العشاءات السياسية، اعتذرت لميس عن تأخرها في الاتصال، كان عبيد يعتقد بأنها منحت لنفسها مساحة زمنية للتفكير بينما لم تكن تلك الأيام الماضية التي اختفت فيها سوى فسحة من الوقت نست فيها لميس الموضوع برمته ولو مؤقتا، فالأمور التي لا تهمنا تسقط أو نسقطها من دفتر يومنا أحيانا، اعتذرت منه لميس على انفعالها الزائد يوم أن كانا في المقهى، تقبل عبيد اعتذارها ومازحها بأنه يعرف دلع البنات وغداً سيرى منه الكثير ويا حلوَه من دلع.. عبيد يثق بأحلامه، بررت لميس رفضها بكونه متزوجا على الرغم من أن جعبة لميس تفيض بالأسباب ولكنه كان الأنسب والأكثر لباقة، تقبل عبيد الرد على مضض، أنهت لميس الاتصال بلطف، كان عبيد يثق باحلامه و كانت لميس أيضا تثق بأحلامها وتفهم واقعها، لميس لم تكن يوما تحلم بمنصب كبير بل كل ما تحلم به هو قلب كبير
تمر الأيام ليلف بستان الصداقة زهوره حول لميس وعبيد، وتظل علاقتهما مستمرة وبصورة متقطعة رغم مشاغل عبيد وهموم لميس.. علاقة لا تلبس إلاّ رداء المودة وقبعة الاحترام
* * *
لميس وعبيد قد يكونان من نسج الخيال وقد يكونان نتاج غزل واقع كويتي ... ومجتمع أصبح منسوجا بخيوط ملونة ومختلفة تندمج بعضها ببعض أحيانا وتنسلّ رافضة الاندماج في كثير من الأحايين
***
خيوط ملونة ما آن لها أن تذوب مجتمعة كألوان الطيف عند ذوبانهم فيرسمون بياضا ناصعا قلما نجده في مجتمعنا الذي يصعب عليه الاندماج ويستحيل عليه الانفصال.. وتظل نقوشه مغزولة

الجمعة، 9 مارس 2007

فاصل إجباري ونواصل

nachla المدوِّنة العزيزة جدا: هانم
نداء ومناشدة لعودة مدونتك الى الحياة من جديد
I miss u & all bloggers miss u
Come back suger!

السبت، 3 مارس 2007

حلم ليلة نيابية - الجزء الرابع

"إنتي كنتِ غير".. "إنتي حلوة".. "إنتي ملونة".. "حرام هالحلاة والنعومة في هالجدية المرسومة".. "ليش ما تزوجتي للحين".. "قلبج خالي ولاّ متعلق بأحد؟".. "شباب الكويت عميان ما يشوفون".."وتنشده لميس أكثر، لم تستغ كلماته ولكنها حاولت أن تبلع فيضها المنسوج بالغزل الصريح، حاولت لميس قدر المستطاع أن تلف دفة الحوار باتجاه السياسة كلما انحرف بها عبيد صوب جزر مخضوضرة بالغزل، ما انفكت تساؤلات عبيد تهطل ماطرة على لميس عن الفساد المستشري الذي بات ينخر في عظام الكويت وضلوعها، وعن أمل بجدوى علاجه وردع انتشاره الفاضح، لميس كانت واقعية ومنطقية كعادتها في هكذا أمور وأخبرته بأنه لو تم القضاء على جزء يسير من هذا الفساد لهو نجاح تصفق له الأيدي وتنحني له الرؤوس تحية واجلالا، ابتسم عبيد ابتسامة اقتناع مشحونة بالحزن، انتاب لميس شعور بأن الذي أمامها لم يعد ذاك المحامي البسيط الذي تعرفه، بل أصبح رجلا مهما متزوبعا يخوض بحرا عاتيا وتتقاذفه أمواج السياسة وتسحبه دوامات لا ترحم إلى قاع مليء بالأنواء، أوهو شعور بالأحرى ينتاب عبيد نفسه أيضاً، ولكن وجه عبيد كان يتغير ويتلون بألوان الصباحات المشرقة إن لف دفة الحديث مرة أخرى إلى تلك الجزر المخضوضرة بالغزل، لتغزو فكر لميس تساؤلات مشبعة بالدهشة، "ماذا دهى هذا الرجل؟.. كان مراسلا مؤدبا وأصبح نائبا غير مؤدباً!.. أهكذا يختل توازن عقول الرجال إن تربعوا على مقاعد وثيرة ذات مناصب رفيعة؟" تساؤلات مغمسة بدهشة الدهشة تموج في فكر لميس بينما يجاهد عبيد في الوصول بدفته إلى تلك الجزر المخضوضرة بعينين لا يتعبهما الصول والجول برصانة - كجنود ساحة سندغما اليونانية - في أرجاء المقهي الإنجليزي ليغمر الاضطراب كيان عبيد أكثر، فهما يجلسان على أريكتين تتوسطان مقهى بات مزدحما وهو رجل بات معروفا ذا وجه لا يختلف في تمييزه اثنان، يلمع بتواجده على صفحات الجرائد بصورة شبه يومية، فهو صحفي وكل زملائه في عالم الصحافة يعملون جاهدين في إضفاء بريقا على بريق نجمه المشع بصورة أو بأخرى، عبيد كان محرجا فهو يخاف من أن يلحظ أحد تلك الريشة التي يحس بها والمعلقة فوق غترته فينغمس في أريكته أكثر، بينما كانت لميس أشبه بعصفور صغير ملون ينفش ريشه مبتهجا استعدادا لنزهة التحليق، أنهى عبيد الحوار ودفع الحساب في عجلة، نهضت لميس برشاقة غزال وعنفوان مهرة لترافق عبيد في مشيته تجاه باب المقهى، بينما كانت عيون الزوار معلقة بهما بنظرات خاوية أو بنظرات قد تكون ذات مغزى، لم تكن تهم لميس في شيء ولكن هذه النظرات كان يحمل لها فكر عبيد جل الاهتمام المشحون بالقلق، لميس كانت تلحظ الذوق واللباقة التي يتسم بهما عبيد بالرغم من بداوته، هل هو كذلك في بيته أم هي لزوم الأناقة؟.. تتساءل لميس، وبينما تتجه لميس مسرعة إلى بوابة الفندق، أشار لها عبيد بالجلوس على أريكة البهو، وجلس أمامها وفجّر على مسمعها بجراة وبساطة رجل:"لميس آنا ريال دايركت.. تتزوجيني؟".. وغرقت عيناه في الأرض كرجل بكر لم يتزوج بعد، انتفضت لميس وتتطايرت منها الدهشة في الهواء ولبستها المفاجأة وغاصت في ارتباك شديد، واستمر عبيد يتكلم بينما اقتحمت جيوش الغضب قلاع لميس، هو متزوج ولديه أبناء.. كيف يجرؤ؟، هو بدوي وهي حضرية من وسط لا يسمح له باختراق حصونها، خلعت لميس لباس الجدية وفكت أزرّة الرسمية، واستحالت مهرة جامحة وقطة مشاكسة لم تعجبها خيوط اللعبة وأخذت تهذي بكلمات لا تحمل في طياتها أي معني مفهوم، بينما انغمس عبيد بنظراته هائما في أنوثة لميس التي انكشفت عارية بسبب كلامه الدايركت، ما انفك أن غطس في قعر الأريكة بعد أن انتبه إلى زوبعة لميس وتذكر منصبه وسمعته النيابية التي تكاد لميس أن تبعثرها أشلاء في الهواء، ليرفع لها كفه قائلاً:"بس هوّنت.. سحبتها.. مابي أتزوجج بس تكفين هدّي شوي.. الناس من حولنا ترى.. خلاص يبه سحبتها والله سحبتها".. عادت لميس إلى ثباتها.. على الأقل في تعاملها مع عبيد والذي كانت تحوم فوق رأسه نجوما متلألئة وطيورا مغردة وقلوبا ملونة، فما يراه من ردة فعل لميس هو حياء وأنوثة بعينيه لم يشهدهما قط في لميس التي تلتزم بلبس ثوب الجدية دوما وهو كرجل يفهم ذلك، بينما لا تعده لميس أكثر من غضب عارم يكتسح عرض عبيد.. قد يكون مغمسا ببعض الحياء من هذه المواقف التي تعرضت لها لميس لمرات قليلة في السابق ولكنها لم لازالت لا تعتادها، لحَظـَت للتوّ ذاك السكرتير.. هو يجلس بالقرب منهم.. يادي الفضيحة بجلاجل، حقيقة هي عندما يقولون أن سكرتارية النواب يعرفون كل ما في دهاليز مرؤوسيهم، نهضت لميس ووقفت بعينين تتأرجحان بين أرض الفندق الرخامية والباب الزجاجي، لتردف بصوت خافت:"آنا لازم أمشي، أشوفك على خير.. مع السلامة".. تشوفه على خير متى ولماذا؟.. لا تعرف، هو كلام.. تحصيل حاصل.. أي شي، وفرّت كأرنب صغير من الفندق تاركة عبيد يغوص في أعماق الأريكة لتنكمش هيبته بسبب غسيل لميس الغير محسوب...... صح لسان فناننّا الكبير محمد عبدو إن شدا مغردا:"تهزمني النجلا وانا ندّ فرسان".. هي لم تكون وزيراً أو نائبا بل فتاة.. جامحة كمهرة ومشاكسة كقطة، تمسك مقود سيارتها وتضحك مع ذاتها ضحكة مجلجلة