أجمل ما في الرجال مؤنث رجولتهم، وهي ككل مؤنث في الشرق مغيّبة حتى إشعار آخر - ماري القصيفي

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

رسائل قصيرة

(1)

حبك يتغلغل في حبري مد أحمر

وحروفي أسماك نافقة

والورق أشرعة بيضاء تشبه قلبك

أحتار في وجه الشبه بينهما

هل يكمن في نصوع الورق..

أم الفراغ الفاحش في صدره؟

وحدها سفنك...

المبحرة وسكون الريح من تدري

(2)

عندما أكتب عنك..

ابـرأ منك

كم من الكتابة تلزمني..

حتى أشفى منك؟

(3)

في المقهى المحاذي للـ حب..

اعتدنا الجلوس متقابلين

وما بيننا منضــــدة وفنجـانين

نتجاذب أطراف الحديث..

.. في كل شيء عدانا

.. وما لا يخصنا أيضا

هكذا نادل حبك عودنا

وأنت ما برحت تعودني..

على ألا أجلس بـ جوارك..!

(4)

أمسح تعاريج القهوة حين أشربها..

كي لا اقرأ في الفنجان اسمك

وحين استقرؤوك في كفي..

مسحت الخطوط في راحة يدي

فباتوا يستقرؤوك في وجهي

هل علي أن أمسحني..

... كي أنساك؟

(5)

كيف لي أن أراك؟

جدار كالح مثقوب..

في ضاحية لم تخمد حربها الأهلية بعد؟

أم إطار مطاطي يحترق..

في مظاهرة احتجاجية ضد القدر؟

أم وطن مازال باقيا..

.. بـ أرزه ومآذنه وأجراسه

.. ومغارته التي ما عادت سرية

رغما عن غزو وشتات وحروب؟

هل بيروت من تشبهك..

أم أنك أنت من تشبه بيروت!؟

(6)

سألتك أن تهديني كتاب النسيان

وعندما اشتريته لي..

... ضننت به

وخبأته في درج أحلامك

كي لا أتعلم أبجدية نسيانك..!

.

الأربعاء، 18 أغسطس 2010

المبدعون لا يموتون

الشرارة الأولى من حبي للشعر لم ترافق في البدء غادة ونزار، بل أبي ماضي وجبران ومطر و...غازي القصيبي، طرت فرحا كعصفورة حين رأيته للمرة الأولى و..الأخيرة في أمسية أقيمت في الكويت من خلال مهرجانات هلا فبراير، كان مساء مضيئا على غير العادة، لم يغفل عن إلقاء قصيدة "أقسمت يا كويت"، عدد الحضور كان قليلا وما كان بقدر حجمه، وحين انتهت الأمسية، خرجت وأنا لا زلت عطشى لحضوره الباهر، كان ذلك منذ سنوات طويلة..... هو سيظل حاضرا بيننا رغما عن رحيله.. لأن المبدعين لا يموتون... وهنا من قديم كلماته التي أحب..

وكيف أسافر عنك؟

وكل الدروب تقود إليك..

وتبدأ منك

وكل الثواني.. وكل الدقائق..

كل الليالي.. وكل الأسابيع..

تحدّث عنك

وكل الشواطئ.. كل البحيرات..

كل المطارات.. تعرض عني..

وتسأل عنك

ويعبس في وجهي البحر..

حين يراني بدونك..

يعبس في وجهي البر..

حين يراني بدونك..

واعجبا.. كيف أمشي وحيدا..

وأحمل عار رحيلي عنك

وكيف أسافر عنك؟

وأنت هنا.. كل حلم يزور مع الصحو..

أو في النعاس..

توّلد منك..

وعبر ازدحام الفنادق..

خلف زجاج الحوانيت..

في كل سطر أراك..

كأن جميع السطور بكل الجرائد

.. عنك ..

واذكر وجهك حيت تغيم السماء

فهل سمع الغيم ما قلت عنك؟

واذكر وجهك حين تسيل السماء

فهل عرف الغيث أني ظمئت..

وأن غديري ينبع منك؟

وكيف أسافر عنك؟

وأدري وتدرين أن قصيدة عمري

عنك.. ومنك

.

- غازي القصيبي-

الأحد، 8 أغسطس 2010

رسالة إلى نورس

تحية مثخنة بالعشق..

....... لا تليق إلاّ بك !

لن أبدأ رسالتي بسرب الأسئلة، ولن أسمح لعصفورة الأخبار بأن تنقر حروفي كما عوّدها العشاق أن تفعل برسائلهم، سأبدأ رسالتي هكذا... بلا مقدمات، كالرعشة الأولى.. كالخفقة الأولى.. كشرارة الحب التي صعقت قلبينا حين النظرة الأولى.. يوم أن أصبحنا على يقين الحب بيننا، أبدا ما كنت أؤمن بالحب من النظرة الأولى، وعندما أحببتك.. أصبحت أؤمن بالنظرة الأولى من الحب، فعبر جسورها تكون البداية، وخطاها تشي بتفاصيل الرواية، وهذا الجسر رغما عن هزات قدرية ما برح معلقا، وبفعل عوامل التعرية ما تآكل فيه الحب.

هكذا هو الحب.. عندما يأتي لا يضرب للقلب موعدا، يدخل خلسة على أطراف أصابعه من باب القلب الموارب، قد يسكن القلب بغية الإيجار أو وقفا ريعه يعود إلى أطفال النبض في قلوب المحبين.

وأما حبك، فهو دين وقلبي نبيّ.. تعمّد أطفال النبض فيه، وتعلقت أجراس البهجة في حناياه، وتطهّر من ذنوبه بآلام محبتك، بدينك.. كان لقلبي الخلاص والإخلاص، وعندما أسكنتني في دير قلبك، أشعلت الشموع لأجلك وكالرّاهبات أقسمت.. بأن أنذر محبتي لك، ولا أعتنق دينا سواه.

هم لم يصلبوا قلبي... ولكن شبّه لهم، ورفعه الله إلى جنة قلبك !

ذات مساء ملبّد بحضورك.. جثوت على ركبتك، واحتضنت بيدك كفي بحنو، وقبلته كعاشق انتفض للتّو من بين جلدتي ديوان شعر قديم.. وقلت بخفوت: "إني... أعبـــدك".. حينها لم أشتهي أن أسمعك، فعينيك كانتا أكثر فضحا لاعتناقك محبتي من بعد إلحادك، جلجامش.. كان مخطئا عندما جاب الأرض بحثا عن عشبة الخلود، فما وجدت الخلود إلا في نظرة عينيك.

وهنــــاك.. حيث كنا وحيدين تحت إكليل السماء، تحوّل المكان إلى مجرة عشق، شمسها أنا وكوكبها الوحيد هو أنت، ومن بين ألق النجوم لمحتهن بهيبة آلهة نحوي قادمات، إيزيس.. وعشتار.. وأفردويت.. وفينوس.. كلهن تحلقن حولي لتتويجي ربة لهن في كل الأزمنة وكل العصور، منذ تلك اللحظة.. وأنا أغتسل بضوء الشمس.. وألف جسدي بملاءات الريح.. وأتزوج القصب وسنابل الحقول كي أنجب ألف ألف إيزيس، وأوزع نبضي على قلوبهن حصاد حبك، لعلها تفي.. وتملأ مخازن قلبك الشاسعة !

عندما كنت طفلة.. تلهو بحصانها الأشهب الخشبي، لم أكن أدري.. بأنه على حين غرّة سينصب لي القدر فخا عشقيا، ويرسل قلبك حصانا يجتاح مدينتي، معبئا فيه جنود نبضك، راشقا فوق أسوارها سهام حبك، مخلفا في ضواحيها حريق جميل، حينها.. شهدت فيك قوّة هرقل وضعف باريس، وضراوة عاشق ما عرفه التاريخ بعد، عاشق.. لا يشبهه رجل في عشقه سواك، لأعلن بعدها أن النصر هو هزيمتي أمام جندك.. حبك شيدني أول وآخر حضاراتك، وأنت.. ما برحت مليكي الوحيد.

تخوم حلمي كانت تنتهي عند قبلة توقظ من سباتها العميق محبتي، وما كنت أحلم قط بأن تكون الإلياذة قصتي !

عوّدني حبك.. أن أخلد إليه كما يخلد إلى النوم الأطفال، أتدثر بشغفك بي وأتوسّد توقك إلي، أضم إلى صدري مخدة الحلم كل ليلة، وأغمض عليك أجفان محبتي، وحين تتوالد الأحلام فيّ، أحتار بأيهم أختار، وفي ربكة أحلامي بك أجمعها كلها وأضعها في سلة الأمنيات، وحتى لا ينتهي بي مطافها سريعا، أسلك بها الطريق الأطول، ففي تفاصيل الطريق متعة لا تشبه متعة الوصول، وعندما أتوه ويتربص بي ذئب غيابك، قطعا.. يكون الحطّاب طيفك.

عندما يهب عليّ هجير بعادك، تتكاثر فيّ كالأشجار ذكراك، أقطع جذوعها بحسب عدد دوائر الفرح، أنتقي الأصغر عمرا، وأشعل بها نار الحنين ليتسرب إلى أوصال قلبي دفئك، ومن ثم.. أركن الهرمة منها في زوايا القلب لأيام أشد برودة.

دوما تراني مغسولة بالنور كالبدر في تمامه، نقية.. حنونة.. وجميلة كبطلات الخرافيّ من الحكايات، وأما أنا وبعد أن قبلتك عاشقة.. رأيتك آسرا وشهيا، ثوري كمناضل.. شهم كفارس.. ونبيل كأمير، كم لمنني وهمسن في إذني بأن الضفدع في مستنقع آسن لا يستحيل أميرا، ما يدركن.. أن هذا المستنقع لا يشبهك، وأن جينات رجولتك لا تنتمي إليه، وأنك رجلا.. القصص الخرافية هي مسقط قلبه !

ذات عشق وجنون.. كتبنا على سدرة حرفي وحرفك..

وعندما جاء الخريف.. كنس حرفينا..

فتبرعما في ربيع قلبينا ..... أقحوانتين .....

عاشقـــــة ..

... مرساها جنونك،،،