أجمل ما في الرجال مؤنث رجولتهم، وهي ككل مؤنث في الشرق مغيّبة حتى إشعار آخر - ماري القصيفي

السبت، 17 مايو 2008

قصة وطن

.
.
جاءني من خلف ذاك السور، يرتسم الحزن على وجهه، طاويا قلبه الامل أشرعة، فاردا القلق جناحيه، حاجبا كثيرا من هدايا الشمس وبعضا من مطر، سألته: «ما خطبك؟ ارى في عينيك غمامات سود، وفي كفك كومة من شيء مكسور؟» أردف قائلا: «الهموم معشوشبة في صدري، والحزن في قلبي باسقا، والاسى انهك كاهلي، حتى بات عقلي احدب، جئتك من داخل ذاك السور الصغير، طالبا المعونة، فأنا وحيد على الرغم من ان لي خمسة من الاخوة، أوّلـهم امتهن ركوب البحر، وثانيـهم امتهن الرعي، وثالثهم ورابعهم يصليان في محرابين ودارين للرب، سألته عن أصغرهم فأجاب: «هو لا مهنة له، ما زال عاطلا وابي منه في حيرة، ولا اعلم الى اين ستؤول به مسافات الزمن وبوصلة الحكمة، لكل من أخوتي داره ومكانه، فهم لا يحبذون الجلوس في باحة المنزل مجتمعين، لا يفهمون أنهم اخوة في هذا المنزل، ينسون أن قسمات وجوههم لا تتشابه، ولكن قلوبهم في الحب متشابهة، وأنهم نضجوا ثمارا على اغصان شجرة واحدة، وليس لهم الا ام واحدة، في الصباحات يحتسون فناجينها، وفي المساءات ينامون في حجرها، فإن اجتمعوا على موائد الاخوة والمودة، تهب الخلافات طيورا تأكل مودتهم وتمضغ ألفتهم!».. اعترتني الدهشة من الطيور وهجمتها فسألت: «ومن اين تهب عليهم تلك الطيور؟»، قال بجزع: «بعضها يسكن في باحة المنزل، وبعضها الآخر يجثم كغربان فوق السور، تقتات من محبة اخوتي كما تقتات من باحة منزلنا، ولا اعرف كيف السبيل الى صدها، فنسلها بات يكثر، ومناقيرها اصبحت اكثر حدة!».. أطرق برأسه نحو الارض والافكار تحوم كالعصافير من حوله، سألته عن أمّـهم فذكر لي أنها عليلة، تنام على سريرها منذ سنين، فالأمراض باتت تستشري في اعضائها، وعوضا عن تطبيبها والتربيت على قلبها، ما زال بعض اطفالها يتناحرون بلطافة لا يملكها سائر الاخوة في بيوتهم، وفجاجة لم يكن يعهدها المنزل في ما قبل بينهم، ففي كل يوم تنتشر بين اوصال محبتهم اكثر، وغاليتهم عليلتهم... لا تملك الا قلبا يناشد بالصبر الجميل، وعينين تقبّلان كل العيون الضجرة بأمل، علها تسعف ما تبقى من حب وعمل، ففي كل ليلة تشعل حبها شمعة، محاولة مضنية لتبديد خفوت حبها وانواره في قلوبهم، استغربت حديثه وركام الهموم المتكدس في باحة منزلهم، فقسمات أبيهم لا تلوح في المنزل واركانه !.. تساءلت فأجابني بحسرة: «أبي.. أبي يرانا ولا يرانا، يسمعنا ولا يسمعنا، يحادثنا ولا يحادثنا!» اجبته في دهشة غامرة: «اهذي احجية ام بعثرة؟» اجابني مندفعا: «لا هذه ولا تلك، ولكن ابي اصبح هكذا، وطبعه اصبح هكذا، رغما عن حفنة خلافات وركام هموم، وشموع في غمرة الليالي مشعلة! بت لا اعلم ان كان ابي قد شاخ وهرم واودع الحكمة في مخازن النسيان!.. ولا اعلم ان كان ما زال يحمل شيئا من الحب لأمي والمنزل واركانه! لا نريد له ان يخسر محبتنا! بتنا لا نفهمه، حقا لا نفهمه!» ارتسمت البسمة على وجهي بأسى، نظرت اليه برفق وأردفت قائلا: «اذا اذهب لأبيك، طالبه بأن يصنع للطيور مقبرة، ويبني لمحبتكم مزرعة، وان يربت على قلبها بحنان، فليس العليل هو امكم، فسر امراضها تبلد فكره واحساسه، ادعوا له بالشفاء
!!
.
.
clues:
.
المحبّ لـ وطنه
الحضر
البــــدو
السنّــة
الشيعة
البدون
الكويت
.
.
.
صوت أبناؤك اليوم ينسج الكثير في ثوب محبتك
حلمنا.... وطنُ أجمل

.

Omma 2008

هناك 10 تعليقات:

غير معرف يقول...

اتمنى التوفيق لمن يقدم الكويت على نفسه ومصالحه ويعمل لإرساء دولة المؤسسات والقانون

AseeL يقول...

محسّد:

كلنا أمل في ذلك



سررت بمرورك

فتى الجبل يقول...

راح تبقى الكويت حبنا الاول والاخير

Shaima'a Alkandari يقول...

كنت كاتبه رد بس مادري وينه

قصه حلوه وايد عجبتني بصراحه

وكل اللى اقوله وستبقى الكويت محروسه وعروسه

esTeKaNa يقول...

عندما قرأت هذا البوست تمنيت لو كنت قد قرأته في وقته
!!
لكنت قد استئذنتك حينها بوضع رابط له لانه فعلا رائع
بل اكثر من رائع
اعشق ايصال الافكار مابين السطور وبالقصص
:)
واعتقد ان هناك قليل من توارد الخواطر بين هذا البوست والبوست الاخير عندي
:)
يعطيج العافيه يا اسيل
الله يحفظ الكويت بالعقلاء أمثالك

AseeL يقول...

فتى الجيل:

نتمنى ذلك من الجميع

AseeL يقول...

Shaima'a Alkandari:

راح علي الرد :)

...بفرض
عروس بحب عيالها لها

AseeL يقول...

estekana:

حبي بدون استئذان بتسوين لنك من عندي كوبي بيست والله وياج

وانا بعد أحب الرمزية

برغم الاختلافات بيننا الا ان قلمك يعجبني بالسرد والاسلوب :)

sologa-bologa يقول...

تصدقين
أنا مو محبط وايد

في مؤشرات ايجابية
يمكن الحين صغيرة لكن باجر تكبر وتوضح

صحيح الليل اظلم واسود
لكن فيه نجوم تلمع وفيه قمر مضيء
:)

ودمتم بحب وود

AseeL يقول...

sologa-bologa:

...للتذكير
كُتبت قبل نتائج الانتخابات
عندما كانت القلوب مثقلة بالقلق على وطن

لست متشائمة ولكن قلقة

ننتظر جديدك

:)