أجمل ما في الرجال مؤنث رجولتهم، وهي ككل مؤنث في الشرق مغيّبة حتى إشعار آخر - ماري القصيفي

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

Tour

I’m in India

بالرغم من نجاح الرواية إلا أن الفيلم لم يحظى بذات النجاح، هكذا يقولون وهذا ما قد أشي به وأنا نائمة ببلاهة على المقعد في السينما، تحديدا.. عندما سافرت البطلة إلى الهند، بالرغم أني لم أكن نعسانة.. إلا أن الهند أزعجتني كثيرا !

يحكي الفيلم قصة امرأة ناجحة في عملها ككاتبة، وفي صداقاتها وحياتها أيضا إلا أن علاقتها الزوجية تفشل بالرغم من تمسك زوجها بها، خطيئة كبرى أن نستمر في الشرب من كأس تعاستنا خوفا من مواجهة تعاسة قد تكون أكبر، وهو ما يفعله الكثير في مجتمعنا، يعيشون على قدر من الكذب خوفا من وجع الحقيقة.

تقرر الانفصال والسفر في رحلة لمدة عام إلى إيطاليا والهند وبالي، وذلك بعد أن تنبأ لها ذات يوم بكل تلك الأحداث عراف في بالي، تحدث خلال رحلتها الكثير من المفارقات، وتصادف الكثير من الحكايات والناس، تسافر بحثا عن السلام الروحي والتوازن مع النفس والمصالحة مع الذات، لتكون الباستا صديقتها في إيطاليا، والصلاة والتأمل في الهند، وبينما كانت في بالي لمقابلة العراف مرة أخرى.. كان الحب في انتظارها!..

لم يكن الفيلم ممتعا بقدر ما أمتعتني القصة والحوار بين الأبطال، فحتى تتغير حياتنا إلى الأفضل علينا أن نتغير من الداخل أولا، وهذا الدمار الذي قد يدك حياتنا يوما، قد تنبعث من تحت ركامه حياة أفضل، وأما هذا الأرعن الصغير المسمى بالحب.. فأجمل ما قيل عنه كان من قبل الساحر العجوز والظريف "كيتوت":

To lose balance sometimes for love is part of living a balanced life"

.
I was in Nizwa

كنا باستضافة صديقة لنا وقتما زرت عمان لأول مرة، هي فنانة تشكيلية وإنسانة رائعة أيضا، في أحد الأيام اصطحبتنا إلى مدينة نزوى وهي مدينة تراثية قديمة تستحق الزيارة، بل ومخيفة أيضا.. فحولها تتكاثر روايات وأقاويل، وأن أهلها يطيرون على مكانس كـ هاري بوتر، تضحك صديقتنا وتخبرني بخفوت.. “ليس إلى هذه الدرجة ولكنها معروفة بالسحر”، على جانبي الطريق تجثم جبال باعثة على الرهبة، ملامحها قاسية بسماكة صخورها وتلونها، ينعكس عليها ضوء الشمس فتزداد لمعانا، قرى صغيرة وبدائية تتناثر على كتفي الطريق، أشبه بواحات ويكثر فيها النخيل، بيوتها من طين ولا كهرباء فيها!

زرنا قلعة نزوى وتسوقنا في دكاكينها القديمة، كل شيء فيها عتيقا حتى أناسها وكأنهم تسللوا للتو من كتاب تاريخي قديم، أشارت بيدها إلى زقاق وأخبرتنا بأن في نهايته يسكن رجل طيب، صاحب كرامات والناس يتقاطرون عليه من كل مكان!.. اتجهنا إلى فندق صغير ومتواضع كان هو الأفضل آنذاك، وكان لنا الخيار في المبيت أو العودة قبل حلول الظلام، هذا ما حرّص عليها زوجها، لأن الطريق قد يكون خاليا من الناس وحتما معتمرا بغيرهم!!..

في بهو الفندق كنت بالكاد أرى الناس حولي من خلال سحابة الدخان الكثيف لبخور ذي رائحة غريبة، سألت أحد موظفي الفندق عن سبب كثافته في المكان فعاجلني بصمت وابتسامة، اتجهنا إلى المطعم وإذا بالدخان الكثيف يلفنا أيضا هناك، كان الوقت يشير إلى ما بعد صلاة العصر بقليل، أكلت ما يشبع معدتي بينما فضولي ظل جائعا فكررت على نادل ذات السؤال، أخبرني بأنه في هذا الوقت من كل يوم يتم تبخير أرجاء الفندق حتى لا يزعج الجن زبائنه من الناس!.. ارتسمت الدهشة والفزع على وجهي، أكمل مخبرا بأنه قد تصدر أصواتا أثناء الليل وشيئ من بعثرة ولكن موظفي الفندق اعتادوا على ذلك، أما السواح الأجانب فهم لا يعيروا ذلك اهتماما، تساءلت عن سبب استمراره في العمل هنا، هز كتفيه وقال: “أكل العيش.. نعمل إيه”، حينها.. قررت وبعزم عدم المبيت في هذه المدينة!

في مسقط.. عندما ذهبنا إلى أحد الفنادق الكبرى، جذبتني لوحة تشكيلية في أحد محاله، ضحكت صديقتنا مبتهجة وهمست في إذني بأنها لوحتها، فهي اعتادت على عرض لوحاتها الزيتية هنا، كانت تحمل رموزا ونقوشا لم أفهمها، سألتها عن معنى اللوحة فأخذت تشير بيدها إلى تفاصيلها وتقول: هذا طلسم الرزق وهذا طلسم الصحة وهذا طلسم السعادة وهذا طلسم الحب و…. حينها تيقنت بأن هذه الأمور هي من عادات وتقاليد هذا البلد، فبالرغم من انتشار المساجد فيه والتزام نسائه باللباس المحتشم إلا أن الشعوذة حاضرة كتراث وإرث اجتماعي، وهو أمر يبعث على التساؤل بما يشي به ذلك من ازدواجية عقائدية باتت تكثر لدى المسلمين، وتثبت بأن العادات والتقاليد أرسخ في مجتمعاتنا من الدين، وبالرغم من هذا التناقض الغريب.. إلا أنني أحببت هذه البلد بشعبه الطيب كثيرا، بلد علاء الدين والسندباد.. هكذا أسميته،

Being in a beautiful heart

بينما كنا نشرب القهوة في أحد المقاهي، أخبرتني بأن هذا الرجل الذي طرق بابهم خاطبا لم تقبل به، فهو لا يعرف من هو البغدادي وقد يكون سمع عن الربعي، لا يعرف أمين معلوف ولا دوستويفسكي، لا يعرف إن كان شوبان عازفا أم رساما، هو لا يحب ارتياد المسارح ودور الأوبرا، ومحتوى المتاحف بالنسبة له مجرد كراكيب، واللوحات التشكيلية مجرد شخابيط، كانت محبطة وكنت مندهشة !… لأنها أغلقت أبواب قلبها حين لامست اختلاف اهتماماتهما.

ليس بالضرورة كل من يشبهنا في الاهتمامات والهوايات يحمل قلبا حنونا ومحبا، المحب وإن لم يكن توأما في اهتماماته قطعا سيقدر من يحب ويهتم بما يهتم به، تشابه القلوب في مشاعرها أجمل من أي تشابه آخر، به تروض الحياة ويكون طعمها ألذ وأبقى.. وقلما من يحظى بالاثنين سويا ويكون بذلك محظوظا !

هناك 4 تعليقات:

جنة الحواس يقول...

صباح الخير

:)

أكثر شي عجبني بالفيلم ..الحكم و الأفكار التي يطرحهاو كذلك جزيرة بالي الرائعة ..

أما مسألة الدمار الذي قد تولد من بعده حياة أفضل فقد لامستني كثيراً لأنني أؤمن بها و كالكاتبة أعتقد أن خوفنا من ذلك الدمار سبباً لتراجعنا و ترددنا في أمور كثيرة

::

أما عمان .. فكم أحلم بجولة في مختلف قراها الجميلة

شوقتيني أكثر مما آنا متشوقة لها

::

أؤيدك إلى حدٍ ما في موضوع تشابه المشاعر مقابل تشابه الاهتمامات

و لكن لأنني أعيش الأمر شخصياً .. باستطاعتي أن أقول أنه قد يصيبنا شيئاً من الاحباط حين لا يشاركنا الآخر نفس الشغف .. بالاضافة إلى أن عملية إيجاد بعض الأراضي المشتركة قد تحتاج إلى مجهود يومي .. بس قولتك .. الحياة فعلاً تحتاج إلى ترويض حينها

Nikon 8 يقول...

المناظر في الفيلم عجيبة
ولكنه بالقراءة وايد أحلى
عندي رحلتج صكت على رحلات الكتاب
:)

AseeL يقول...

جنة الحواس:

صباح النور

عمان في رأيي أجمل بلد خليجي، أجواؤها مميزة، ساحرة ورومانسية، وطبيعتها خلابة.


الحب الحقيقي المتبادل هو أجمل أرضية مشتركة وأعتى مروض لتلك الاختلافات، به تشتعل مواقد السعادة ليغمر الدفء أيامنا..

عندما نحب، نشاركهم بما يحبون ونحب حتى أشياءهم الصغيرة ;)

دمت بحب

AseeL يقول...

Nikonq8:

الروايات دوما تكون أجمل من أفلامها لأنها غنية بالتفاصيل وسطورها تحلق بخيال القاريء بلا حدود.

عمان حلوة، انصحك بالسفر إليها (: